تاثير التغيرات المناخية على حقوق الإنسان
تعتبر قضية اثار التغيرات المناخية على حقوق الإنسان من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام الداخلي والدولي، نظرا لعدة أسباب نخص بالذكر منها ارتباطها بالوجود البشري، خصوصا في الدول الفقيرة التي باتت التكلفة البشرية فيها متزايدة سنة بعد أخرى، لدرجة أن سكان الدول الجزرية أصبحوا مهددين بفقدان أوطانهم بسبب ارتفاع منسوب البحار.
أولا: الأثار المباشرة لتغير المناخ على حقوق الإنسان
أ: الحق في الحياة
يعتبر الحق في الحياة أساس كل حقوق الإنسان، حيث يمكن أن نسميه حق الحقوق جميعها، إذ لا وجود لباقي الحقوق من دونه. وهو يترأوح بين مدلولين، الأول ضيق ويقصد به بقاء الفرد على قيد الحياة، والثاني أوسع يتمثل بالإضافة إلى المدلول الأول مختلف الأنشطة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية للفرد، من تمتعه بالكرامة والحرية والمسأواة والملكية وحصوله على التعليم … .
وعلى سبيل المثال تفيذ التقديرات بأن 262 مليون شخص تأثروا بكوارث المناخ سنويا خلال الفترة مابين عامي 2000 و 2004، ويعيش أكثر من 97 في المائة منهم في بلدان نامية.
ب: الحق في الغذاء الكافي
تم النص عليه بشكل صريح في كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، وبشكل ضمني في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وبسبب التغيرات المناخية تفيد التقديرات أن انتاجية المحاصيل ستنخفض مما سيزيد من خطر الجوع وانعدام الأمن الغدائي في المناطق الفقيرة من العالم، فالفقراء اللذين يعيشون في بلدان نامية معرضون بصفة خاصة للتأثر بحكم اعتمادهم المفرط في غذائهم وأرزاقهم على موارد تتأثر بالمناخ.
ج: الحق في الماء
يعرفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ب : ” أن تتاح لكل شخص مصدر للمياه، ويشترط في هذه الأخيرة (المياه) أن تكون مأمونة، وبالقدر الكافي، وبالسعر المناسب، حتى يتمكن الشخص من العيش حياة صحية وكريمة ومنتجة، لكن مع الحفاظ في نفس الوقت على النظم الإيكولوجية المساعدة على إعادة انتاج المياه.
وكما هو معلوم أن الحق في الماء كغيره من الحقوق تتربصه العديد من المهددات، نجد في مقدمتها التغيرات المناخية التي أدت إلى فقدان الكتل الجليدية، وتقلص الغطاء الثلجي، مما أدى إلى التأثير سلبا على ما يزيد عن سدس سكان العالم. بالإضافة أنه سيحرم ما يقدر ب 1.1 مليار شخص في العالم من امكانية الوصول المأمون للماء الشروب، مما سيشكل سببا رئيسيا من أسباب الإعتلال والمرض.
ح: الحق في الصحة
تعرف منظمة الصحة العالمية الحق في الصحة بأنه:” حالة من الرفاه الجسدي، والنفسي والإجتماعي الكامل، لا تتحقق بمجرد غياب مرض أو عاهة”
لكن نظرا إلى التغيرات المناخية التي اجتاحت العالم يتوقع أن هذا الحق سيعرف العديد من المشاكل أبرزها زيادة سوء التغذية وانتشار الأمراض والإصابات جراء الأحداث الجوية القاسية، تفاقم مشاكل الإصابة بالأمراض التنفسية والمعدية، خصوصا في صفوف سكان الدول الفقيرة، وما تشهده دول افريقيا جنوب الصحراء وجنوب أسيا لدليل قاطع على هول تأثير التغيرات المناخية على الحق في الصحة.
د: الحق في السكن اللائق
لقد تم النص على هذا الحق في العديد من المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، فمثلا المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على أنه :” لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الإجتماعية اللازمة. وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
ففي مقابل الأهمية البالغة التي يتسم بها هذا الحق نجد أنه لتغير المناخ أثار سلبية وخيمة عليه، والدليل على ذلك هو تأثر ملايين الأشخاص والمنازل بالفياضانات في السنوات الأخيرة.
ثانيا: الأثار غير المباشرة للتغيرات المناخية على حقوق الإنسان
أ: التشريد
يعتبر التشريد أحد أبرز الآثار غير المباشرة على حقوق المتضررين، فحسب تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الصادر عام 1990 فإن أكبر أثر في حد ذاته لتغير المناخ يتمثل في هجرة البشر، فقد يتشرد 150 مليون نسمة بحلول عام 2050، بسبب الظواهر المتعلقة بتغير المناخ، مثل التصحر، وزيادة ندرة المياه، والفيضانات والعواصف، ويتوقع أن يتم التشريد الناجم عن تغير المناخ أساسا داخل البلدان وأن يؤثر في المقام الأول في أفقر المناطق والبلدان.
ب: لاجئي المناخ والمنظومة الحقوقية
حسب تقرير الحقوقية الدولية200، فإن ملايين الأشخاص يعبرون أو يحاولون عبور الحدود الدولية، ولاسيما من يعيشون في افريقيا جنوب الصحراء، بهدف الوصول إلى البلدان الأوروبية هربا من الجوع المستشري.
ج: النزاعات المسلحة كأثر غير مباشر للتغيرات المناخية
وفقا لإحدى الدراسات فإن أثار تغير المناخ المتفاعلة مع المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ستولد احتمالا كبيرا لنشوب نزاع عنيف في 46 بلد يقيم فيها 2.7 مليار نسمة، وهو الأمر الذي بدأت معالمه تظهر بشكل جلي في عدة مناطق حيث أدى تغير المناخ فعلا إلى نشوب نزاعات مسلحة وأعمال عنف. فبسبب زيادة هطول الأمطار أو نقصانها في بعض الدول التي يعتمد إقتصادها على الموارد الطبيعية، ألحقت التغيرات المناخية أضرارا بالغة بالمجتمعات المحلية، ما دفع بعضها إلى الإنخراط في أعمال عنف ونزاعات مسلحة.ومما يجدر بنا الإشارة إليه هنا هو أن تغير المناخ لا يتسبب في نشوب النزاعات المسلحة فقط بل يؤدي إلى إطالة أمدها وبالتالي مفاقمة معاناة المدنيين إبان النزاعات المسلحة خصوصا النساء والأطفال والشيوخ
مقترحات حلول:
-مطالبة الدولة والسلطات بوضع تشريعات وميزانيات والبدء بالعمل على التخطيط وتنفيذ السياسات التي يمكن ان يساهم في التقليل من تاثيرات التغير المناحي.
-نشر الوعي وبناء القدرات للمواطنين والمؤسسات الوطني لوضع استراتيجيات الوقاية والتصدي.
-رصد وتوثيق ومتابعة و حماية المتضررين بسبب التغيرات المناخية سواء نازحين أو لاجئين.
-إنشاء نظم وأدوات الإنذار المبكر واليات الوقاية والتاهب بشأن التشرد الداخلي والعابر للحدود.