بقلم: نور ماهر

في عالم الرياضة، هناك قصص تلهمنا وتدفعنا للاستمرار في تحقيق أحلامنا رغم الصعوبات. قصة الماس زبير عبد السلام، الشابة العراقية التي وُلدت عام 2005، هي واحدة من هذه القصص التي تعكس قوة الإرادة والتحدي.

بدأت رحلتها الرياضية تحت إشراف والدها، المشرف التربوي الرياضي، حيث مارست لعبة الكرة الطائرة، لكن شغفها قادها إلى التنس عام 2016. رغم حبها الكبير لهذه الرياضة، لم تجد الدعم الكافي في كركوك، حيث كانت اللاعبة الوحيدة التي تمارس التنس، لتجد نفسها في عزلة رياضية أجبرتها على ترك اللعبة نهائيًا عام 2019.

لكن بدلًا من أن يكون ذلك نهاية حلمها، كان بداية طريق جديد. وجدت الإلهام في أختها، لاعبة ريشة الطائرة، فبدأت التدريب في هذه الرياضة، ولم تمضِ فترة طويلة حتى أصبحت جزءًا من المنتخب الوطني العراقي، محققة إنجازات عديدة رغم التحديات التي واجهتها.

لم تكن رحلة الماس في ريشة الطائرة سهلة، لكنها استطاعت تحقيق إنجازات مهمة جعلتها من أبرز اللاعبات في العراق. بدأت بصعودها في التصنيفات المحلية، حيث حققت المركز الثالث تحت سن 17 سنة عام 2020، ثم كررت الإنجاز في العام التالي، قبل أن تحقق المركز الثاني عام 2022.

لم يقتصر نجاحها على التصنيفات، إذ فازت ببطولة أندية كركوك للنساء في 2022، وشاركت في بطولة كأس العراق 2024، كما خاضت معسكرًا تدريبيًا لمدة شهر كامل في 2023، إلى جانب تحقيقها العديد من النجاحات في البطولات الودية، المدرسية والوطنية.

ورغم كل هذه النجاحات، لم تكن الطريق مفروشة بالورود. فقد واجهت الماس عدة تحديات، كان أبرزها غياب الدعم لرياضة التنس في كركوك، مما أجبرها على تغيير مسارها الرياضي. كما عانت من الصعوبات المالية، حيث لم يكن من السهل تحمل تكاليف التدريب والمشاركة في البطولات. هذا إلى جانب العزلة، كونها الفتاة الوحيدة التي تمارس هذه الرياضات في بيئتها، إضافة إلى التحديات النفسية التي صاحبت رحلتها.

رغم التحديات التي واجهتها، لم تستسلم الماس زبير عبد السلام، بل حولت الصعوبات إلى دافع للاستمرار، مدركة أن الرياضة ليست مجرد منافسة، بل أسلوب حياة يعزز الثقة والطموح.

توجهت الماس برسالة تحفيزية لكل فتاة عراقية تسعى إلى تحقيق حلمها الرياضي، قائلة:

"استمروا في الطموح، ولا تهتموا بكلام الآخرين. اعملوا بجدٍ وتفانٍ لتحقيق أهدافكم، ولا تتخلوا عن أحلامكم."

إنها رسالة واضحة تؤكد أن الإصرار والمثابرة هما مفتاح النجاح في عالم الرياضة، مهما كانت العقبات.

رغم الإنجازات التي تحققها النساء العراقيات في الرياضة، إلا أنهن يواجهن تحديات تعيق تطورهن. من أبرز هذه التحديات نقص التمويل والمرافق الرياضية المخصصة للنساء، مما يحدّ من إمكانية التدريب والمشاركة في المنافسات. كما يشكل غياب الدعم الاجتماعي والثقافي للرياضة النسوية عائقًا كبيرًا، حيث لا تزال بعض المجتمعات ترى أن الرياضة ليست أولوية للمرأة.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني الرياضيات من قلة الفرص التدريبية والمنافسات المحلية والدولية، مما يجعل من الصعب على اللاعبات اكتساب الخبرة اللازمة للمنافسة على مستويات عالية. كما أن ضعف التوعية بأهمية الرياضة للصحة والتنمية يؤدي إلى قلة المبادرات الداعمة لمشاركة النساء في المجال الرياضي.

رغم التحديات، هناك مبادرات وجهود لدعم الرياضيات في العراق. تم إنشاء اتحاد النساء العراقيات للرياضة لتعزيز مشاركة المرأة في المنافسات المحلية والدولية. كما تم تأسيس أندية نسائية رياضية، مثل النادي النسائي في بغداد، الذي يوفر بيئة مناسبة للفتيات لممارسة الرياضة وتطوير مهاراتهن.

للنهوض بالرياضة النسائية في العراق، يجب العمل على توفير مزيد من الفرص للتدريب والمنافسة، من خلال إنشاء مراكز رياضية متخصصة ودعم الرياضيات الموهوبات. كما ينبغي تعزيز التوعية المجتمعية بأهمية الرياضة للمرأة، عبر الإعلام وحملات التوعية التي تسلط الضوء على فوائد الرياضة للصحة والتنمية الشخصية.

ومن الضروري أيضًا بناء مرافق رياضية مخصصة للنساء، بحيث يكون لديهن بيئة آمنة ومناسبة للتدريب والمنافسة. بالإضافة إلى ذلك، يجب دعم المواهب الشابة في مختلف الألعاب الرياضية، عبر تقديم منح رياضية ومساعدات مالية تُمكّنهن من الوصول إلى المنافسات الدولية وتحقيق إنجازات ترفع اسم العراق في المحافل العالمية.

قصة الماس زبير عبد السلام ليست مجرد قصة نجاح رياضي، بل هي درس في الإصرار والطموح. فقد تجاوزت الصعوبات، شقت طريقها في عالم الرياضة، وأصبحت مصدر إلهام للرياضيين والرياضيات العراقيين.

لكن الماس لم تتخل عن طموحاتها، واستمرت في العمل الجاد والتفاني لتحقيق أهدافها. وهي ترى، أن الرياضة هي جزءًا مهمًا من حياتها، وتعتبرها وسيلة لتحقيق النجاح والتماسك.

=========

مشروع (النساء والسلام)

مشروع نفذتها منظمة السلام والحرية بالشراكة مع منظمة النساء من أجل نساء العالم في محافظتي كركوك ونينوى، 2024-2025، وبدعم من الوكالة البريطانية للتنمية.